إن ما حصل ويحصل في فلسطين يستوجب وقفة تضامن كبيرة من الدول العربية والإسلامية لمواجهة هذا العدوان، وفك الحصار عن هذا الشعب المسكين، الذي عانى ويعاني من أجل الدفاع عن قضية لا تهمه وحده، بل تهم المسلمين جميعا ...
فلا يمكن بعد اليوم أن يستمر بعض حكام العرب في رقصة السيوف، وشريكهم في الرقص يرقص على جثث أبناء فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال!!!
بدأ حصار إسرائيل لقطاع غزة منذ شهر كانون الثاني 2006 م. بعد فوز حماس في انتخابات تشريعية ديمقراطية حرة. ثم اشتد هذا الحصار منذ سبعة أشهر تقريباً إثر سيطرة حماس بالقوة العسكرية على هذا القطاع.إن هذا الحصار الذي يهدد حياة مليون ونصف فلسطيني في غزة كان له ردود فعل متباينة في الأوساط الدولية والإسرائيلية والعربية والمحلية. الموقف العربي فهو لا يقل تبايناً عن الموقف الدولي، ففيما غلب على الشعوب العربية مشاعر التعاطف والدعم المترافقين مع مشاعر الذل والمهانة والعجز والغضب، شعر البعض الآخر بما يشبه اللا مبالاة مما يجري، فلم تحرك دموع الأطفال ولا بكاء النساء مشاعر هؤلاء بل إن بعض الفلسطينيين، راح يلقي باللوم على حكومة حماس وسيطرتها على القطاع بالقوة.أما الموقف الرسمي العربي فلا يقل تناقضاً عن موقف الشعوب العربية. وقد تجلى هذا الموقف في صمت بعض حكام العرب إزاء ما يحدث في فلسطين. بل إن بعضهم ألقى باللائمة على حماس فيما وصلت إليه الأمور. ومن بين هؤلاء مصر التي انتقد بعض مسؤوليها ضمناً حركة حماس واتهموها بـ "محاولة الضغط على مصر لتحقيق مكاسب سياسية". وكذلك فعل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، عندما تجاهل موضوع حصار غزة بشكل كلي أثناء لقائه بجورج بوش في رام الله حيث جعل الخلافات بينه وبين حماس أهم من الخلافات بينه وبين إسرائيل.والأسئلة التي تطرح نفسها هنا بعد عرض هذه الوقائع: ماذا بعد؟ وهل هناك أكثر مما رأينا وشاهدنا على شاشات التلفاز من مناظر تقشعر لها الأبدان، وتغرورق لها العينان؟ ماذا أكثر من رؤية طفل يموت لعدم وجود حبة دواء؟ وطفل آخر يتضور جوعاً لعدم توفر الغذاء؟؟ وماذا أكثر من انقطاع الخبز والمياه والكهرباء ؟ وانتشار الأوبئة والأمراض وتعذر الاستشفاء؟!!إن ما حصل ويحصل في فلسطين يستوجب وقفة تضامن كبيرة من الدول العربية والإسلامية لمواجهة هذا العدوان, وفك الحصار عن هذا الشعب المسكين، الذي عانى ويعاني من أجل الدفاع عن قضية لا تهمه وحده، بل تهم المسلمين جميعاً. فماذا ينبغي أن يفعل هؤلاء المسلمون في المقابل لتسديد بعض الدين الذي عليهم؟ وهل يمكن أن يكتفي المسلمون اليوم بدعوة أهل الغزة إلى الصبر كما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم أهل ياسر إلى ذلك في مكة ؟ أم ينبغي أن يرافق تلك الدعوات تقديم الدعم المادي والمعنوي اللازم لرفع الظلم والاعتداءات الواقعة عليهم من الصهاينة ومن وراءهم ؟إن وسائل هذا الدعم متعددة، من بينها ما يلي:
1- فتح معبر رفح مع مصر بشكل نهائي وقاطع، حتى لو أدى هذا الأمر إلى مخالفة الاتفاقيات المبرمة بين مصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي، والتي تدعي مصر أنها السبب وراء عدم قدرتها على فتح هذا المعبر.
2- عدم الاستهانة بأهمية المقاومة في رد العدوان. فاسطورة "جيش إسرائيل الذي لا يقهر" دحضتها المقاومة اللبنانية في شهر تموز 2006م. وكما تدحضها حماس يومياً بواسطة العمليات الجهادية التي تنفذها في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة.
3- تضامن الدول العربية والعمل معا في سبيل الضغط المباشر وغير المابشر على إسرائيل وأميركا لرفع الحصار عن غزة.
4- استعمال كل وسائل الضغط الممكنة من أجل فك الحصار. فلا يمكن بعد اليوم أن يستمر بعض حكام العرب في رقصة السيوف، وشريكهم في الرقص يرقص على جثث أبناء فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال!!! ولا يمكن أن يستمر هؤلاء الحكام في بناء القواعد العسكرية الغربية فوق أراضي دولهم... بينما قواعدهم الشعبية تزداد نقمة عليهم وعلى سياساتهم السيئة ؟
إن تجاهل حكام العرب لمعاناة الشعب الفلسطيني دفعت بزعيم حركة حماس خالد مشعل إلى تحميل مسؤولية ما يحدث إلى حكام الدول العربية حيث قال: "كل لحظة يموت فيها فلسطيني في غزة، بفعل العدوان والحصار، دمه وروحه أنتم مسؤولون عنها أمام الله".
"حقوق النشر محفوظة لموقع "قاوم"